ملف عن قضية الصراع حول الصحراء المغربية ،، من البداية حتى أحداث العيون
صفحة 1 من اصل 1
ملف عن قضية الصراع حول الصحراء المغربية ،، من البداية حتى أحداث العيون
ملف عن قضية الصراع حول الصحراء المغربية ،،
من البداية حتى أحداث العيون
إن الكلام عن قضية الصحراء المغربيةيعني
الكلام عن إشكالية عويصة و متشابكة المعالم قد تدخل كتاب غينس للأرقام
القياسية باعتبارها أطول قضية عرفها التاريخ الحديث فيما يتعلق بتسوية
خلافات على أرض متنازع عليها. هذه القضية نظرا لتداخل خيوطها و نظرا لتباين
و ترامي مصالح و مخططات أطرافها الرسميين مقدمة على تجاوز سنها الثلاثين بدون تقدم ملموس يذكر تجاه حل نهائي لها.
فكيف كانت إذن بدايات بزوغ
إشكالية الصحراء المغربية؟ ولماذا الصحراء المغربية؟ و ما هو مضمون هذا
الملف الشائك؟ و ما هي أطرافه الرسمية؟ وهل كانت مقاربة هذه الأطراف لهذا
المشكل من المستوى الذي يستطيع أن يؤدي إلى حلول جذرية للملف؟ هل كانت
المقاربة الأممية لملف الصحراء المغربية منطقية في مخططاتها و اقتراحاتها
حول الملف؟ من له الأحقية على إقليم الصحراء؟ ما هي أطروحات جبهة
البوليساريو حول قضية الصحراء؟ كيف تم الزج بالجزائر كطرف أساسي في
النزاع؟ ما هي أبرز التطورات التي وصل إليها الملف و هو يتجاوز سنه
الثلاثين؟
كيف كانت البداية ،،
لمقاربة هذه الأسئلة . المقالة تجد نفسها في الأبعاد المركبة لمشكل الصحراء المغربية ـ الغربية من خلال تقديم جرد كرونولوجي للأحداث
و الخيوط التي نسجت معالم هذا الملف الحرج منذ افتعاله بظهور جبهة
البوليساريو أو ما يسمى بجبهة تحرير الساقية الحمراء وواد الذهب خلال أواسط
السبعينات إلى آخر التطورات التي عرفها الملف داخل المنظمة الأممية.
يعود ظهور إشكالية الصحراء المغربية على السطح الدولي إلى سنة 1974،
حينما رفضت السلطات الاستعمارية الاسبانية تسليم إقليم الصحراء إلى
المغرب بعدما تخلت عن مستعمراتها الشمالية بعد حصول المغرب على استقلاله و
سلمت المغرب إقليم طرفاية في سنة 1958، و إقليم سيدي إفني في سنة 1969،
مع تحفظها على مدينتي سبتة و مليلية بالمنطقة الشمالية.
رفض إسبانيا تخليها عن إقليم الصحراء كان يبرره منطق واحد، هو مخطط هذه الأخيرة حول إنشاء دولة مستقلة ذات حكومة محلية تحت وصاية و سيطرة إسبانية. و لأجل ذلك أعلنت وبشكل أحادي في غشت من سنة 1974 عن قرارها بتنظيم إستفتاء في الصحراء خلال النصف الأول من سنة 1975، بطبيعة الحال كان رفض المغرب لهذه الخطوة قاطعا
بحيث أرسل المرحوم الحسن الثاني برسالة مستعجلة إلى رئيس الدولة الاسباني
يشعره فيها بقلق الحكومة المغربية و بعزمها على معارضة هذه الخطوة
الانفرادية و في كونها أيضا لا تتطابق مع مضمون قرارات الجمعية العامة
للأمم المتحدة، وفي نفس الآن تم إرسال مبعوثين ملكيين إلى مختلف الدول لعرض
وجهة النظر المغربية من قضية الصحراء.
وبسبب رفض
الحكومة الاسبانية لطلب المغرب بعرض النزاع على أنظار محكمة العدل الدولية
للبث فيه، أعلن الملك الراحل الحسن الثاني في 18شتنبر 1974 عن عزم
المغرب على عرض قضية الصحراء على أنظار محكمة العدل الدوليةمن أجل تحديد المركز القانوني للإقليم،
و بالفعل تقدم المغرب بطلب استشاري إلى المحكمة بعد مطالبته للجمعية
العامة بإيقاف كل عملية تتعلق بإجراء استفتاء في الصحراء الغربية إلى غاية
معرفة رأي محكمة العدل الدولية في القضية. وتبعا لهذا الطلب أصدرت الجمعية
العامة قرارها رقم 3292 بتاريخ 13ديسمبر 1974 طلبت فيه من محكمة العدل
الدولية إصدار رأي استشاري حول السؤالين التاليين:
ـ السؤال الأول: هل كانت الصحراء المغربيةـ الساقية الحمراء وواد الذهب ـ عند استعمارها من قبل إسبانيا أرضا لا مالك لها؟
ـ السؤال الثاني:
في حالة الإجابة السلبية على السؤال ما هي الروابط القانونية التي كانت
قائمة بين هذا الإقليم و كل من المملكة المغربية و الكيان الموريتاني؟
اقرار بمغربية الصحراء ،، و لكن
وكان تاريخ 16أكتوبر 1975 موعدا هاما في تاريخ المغاربة حيث أصدرت المحكمة رأيها الاستشاري حول السؤالين. ففيما يتعلق بالسؤال الأول كان الجواب بالأغلبية 13 صوتا كله تؤكد بأن الصحراء الغربية كان لها مالك قبل الاستعمار الاسباني مقابل 3 أصوات التي أقرت بأن الصحراء الغربيةـ الساقية الحمراء وادي الذهب ـ لم يكن وقت الاستعمار الاسباني مالك لها.أما
فيما يتعلق بالسؤال الثاني أجابت المحكمة أجابت المحكمة بأغلبية 14 صوتا
مقابل صوتين بأن المواد و المعلومات المقدمة إليها تؤكد وجود روابط
قانونية وولاء وبيعة وقت الاستعمار الاسباني بين سلطان المغرب و بعض
القبائل التي تقيم بإقليم الصحراء الغربية
لكنها تحفظت عن المواد المقدمة لها تذرعا بكونها موادا لا تقيم الدليل
القاطع على وجود روابط السيادة الإقليمية بين هذا الإقليم وكل من المملكة
المغربية و الكيان الموريتاني في ظل هذا الوقت استمرت الدبلوماسية المغربية
في العمل بقيادة المرحوم الحسن الثاني كان من نتائجها الطلب
الذي وجهته السعودية إلى إسبانيا بتاريخ 1 أكتوبر1974 باسم كافة الدول
العربية على التعجيل بحل قضية الصحراء المغربية. وكذا تصريح السكرتير العام
لمنظمة الوحدة الإفريقية بتاريخ 14 مارس 1975 أكد على مساندة المنظمة
للمغرب بجميع الوسائل من أجل تحرير أرضيه المغتصبة. وكذا الإجراء الذي
أقدمت عليه حكومة ساحل العاج بتاريخ 25 مارس 1975 عندما وضعت السيد
"ألفونسو بونسي" ليمثل المغرب في محكمة العدل الدولية...
لكن بعد لاعتراف الصريح
لمحكمة العدل الدولية بالحقوق المغربية على صحرائه عن طريق تأكيد روابط
البيعة التي تربط شيوخ قبائل إقليم الصحراء بالعاهل المغربي الراحل الحسن
الثاني. لم يجد المغرب بدا من الإقدام على تنظيم مسيرة سلمية خضراء نحو الصحراء بمشاركة 350ألف مواطن بتاريخ 6 نوفمبر 1975.
هذه الخطوة كان من شأنها أن تخلط جميع أوراق الحكومة الاسبانية مما دفعها
إلى التفاوض مع المغرب بشأن قضية الصحراء. وفعلا تمت القمة الثلاثية
مابين المغرب وموريتانيا و إسبانيا توجت بالتوقيع على تصريح مدريد الثلاثي
بتاريخ 14 نوفمبر 1975 الذي حدد فترة انتقالية لمدة ثلاثة أشهر يخضع
خلالها إقليم الصحراء الغربية لإدارة ثلاثية يليها تسليم إسبانيا للسلطات
إلى كل من المغرب وموريتانيا مع احترام إرادة السكان الصحراويين المعبر
عنها من طرف الجماعة الصحراوية برئاسة السيد الحاج الخطري الجماني.
د***** الجزائر على الخط
بيد أنه تزامنا مع إعلان المغرب عن نيته في تنظيم المسيرة الخضراء، تفاجئ الجميع بإعلان الجزائر بتاريخ21أكتوبر 1975 عن اتخاذها رسميا موقفا معارضا لقرار المغرب بتنظيم المسيرة الخضراء. من قبل
أن تقدم على دعم وتوجيه ما سمي بالجمهورية الصحراوية تحت قيادة الجبهة
الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب أو ما يعرف ( بالبوليساريو)
بتاريخ 27فبراير 1976 بعد ما تمت بنجاح خطة المسيرة الخضراء التي ترتب عنها جلاء القوات الاسبانية من الصحراء الغربية.
وقد كان للدبلوماسية البومدينية آن ذاك دورا مهما في تقوية جبهة البوليساريو عن طريق احتضانها بمنطقة تيندوف.
وكذا ببذل الجهود من أجل كسب إعتراف دولي (بالجمهورية المزعومة) ومن أجل
إيجاد موضع لملف مشكل الصحراء الغربية على سطح المنظومة الدولية، وقد
استعملت من أجل ذلك معظم الآليات و التدابير اللازمة منها كما يذكر أستاذ
العلاقات الدولية الدكتور عبد الواحد الناصر تقديم المكافآت المالية إلى
بعض الدول الفقيرة مقابل اعترافها، أو إنشاء محطات إذاعية تعبر عن لسان حال
الجبهة... وهذا يؤكد وبالملموس أن النجاحات الدبلوماسية التي حققتها
الجبهة من اعتراف أكثر من 70 دولة وكسب تعاطف العديد بالدرجة الأولى.إلى
درجة أنه نجاحا حقق مكاسب فاقت المكاسب التي حققتها بعض الحركات التحررية
المشروعة كجبهة التحرير الفلسطينية أو الأكراد في العراق و التاميل في
سيريلانكا... نظرا لعدم وجود دولة كالجزائر تقف بجميع إمكانياتها و آلياتها
و مآزرتا لها كما يضيف الأستاذ عبد الواحد الناصر.
وقد كان لذلك وقع كبير على العلاقات المغربية الموريتانية ـ الجزائرية حيث تم الاعلان رسميا بتاريخ 7مارس 1976 عن قطع العلاقات الدبلوماسية المغربية الجزائرية،
وقد برر ذلك السيد عبد الرحيم بو عبيد بتاريخ 8مارس1976 بكون تجميد
العلاقات الدبلوماسية المغربية الجزائرية هو رد فعل مشروع على السياسة
الجزائرية الماسة بأحقية المغرب على أراضيه. بيد أنه يجب التأكيد على أن السياسة الجزائرية المغرضة لم تكن تعبر عن إرادة كافة القوى السياسية بالبلاد،
فها هي مجموعة من قادة الثورة الأحرار تعلن استنكارها لتصرفات المسئولين
في الجزائر ضد المغرب بتاريخ 11مارس 1976. بالإضافة إلى تنديد زعيم حزب
الثورة الاشتراكية الجزائرية آنذاك السيد محمد بو ضياف الذي ندد بمناورات
حكام الجزائر لإثارة حرب مغربية جزائرية حول الصحراء،هذا بالإضافة إلى
إعلان السيد القايد أحمد عضو المجلس الوطني للثورة الجزائرية في ندوة صحفية
بباريس بتاريخ 25 مارس 1976 حيث قال " إن سكان الصحراء قد قررو مصيرهم. وليس للجزائر أي مبرر للتدخل".
وهذا ما
يؤكد نية الرئاسة الجزائرية البائتة و الأحادية آنذاك على المس بحق المغرب
على استكمال تحرير أراضيه، تذرعا بمبدأ حق الشعب في تقرير مصيره و التي
يمكن إعطاؤها أكثر من قراءة على ضوء قضية الصحراء.
بل ولم
يتوقف التحرك الجزائري فقط عند حد كسب اعترافات دولية بما أسمته
بالجمهورية الصحراوية، بل تعدى الأمر إلى حد العمل على الترويج لفكرة
المفاوضات على صعيد منظمة الأمم المتحدة و التجمعات الدولية
حيث استعلت منابر هذه المؤسسات و المؤتمرات لتحقيق مكاسب دعائية وسياسية
عن طريق الدعوة إلى الد***** في مفاوضات مباشرة بين المغرب و البوليساريو،
والتي تعني بموافقة المغرب على ذلك الاعتراف السياسي الضمني بهذه الحركة.
وقد كانت لهذه السياسة دور كبير في إقرار المخطط الأممي لإجراء الاستفتاء في الصحراء في الصحراء سنة1988،ووافق
المغرب على الجلوس مع حركة البوليساريو على طاولة المفاوضات بشرط حضور
طرف ثالث في جميع اللقاءات متمثلا في الأمين العام للأمم المتحدة.
تدهورات خطيرة ،، و تدخل الأمم المتحدة
ويجب التذكير بأن هذه الخطوة قد سبقتها العديد من الأحداث المحرضة الجزائرية ـ البوليساروية ترتب عنها حرب دامية سميت بحرب الرمال< 1979ـ1980> كانت من أبرز معاركها نوردها كما جاءت في كتاب " شعب ضد الرصاص " للدكتور إبراهيم دسوقي أباضة < معركة طانطان 28ـ29يناير 1979، معركة السمارة 14 مارس 1979 ، معركة بئر إنزران11 غشت 1979، معركة السيد 13 سبتمبر 1979، معركة بوكراع و العيون يوم 28 يناير 1980، معركة بوجدور 13فبراير 1980، معركة بين طرفاية و رأس الخنيفرة26 سبتمبر 1980... و كلها معارك أبانت عن قوة الترسانة العسكرية المغربية كما جاء في الكتاب حيث لم ينرك لأفراد الجبهة و عتادها الفرصة لتحقيق أهدافها بالسيطرة على الإقليم.
وقد خيم وضع اللا استقرار
هذا على المنطقة رغم وقف إطلاق النار بين الجانبين المغربي ـ البوليساريو
إلى أن تمكن الأمين العام للأمم المتحدة من صياغة خطة للسلام عرضها على الأطراف بتاريخ 11غشت 1988 وطلب منهم إبداء رأيهم فيها في مدة أقصاها فاتح سبتمبر 1988وكان من أبرز محاور هذه الخطة
:
1ـ
تخويل الأمم المتحدة المسؤولية الوحيدة و الخالصة عن تنظيم و إجراء
إستفتاء من أجل سكان الصحراء بتقرير مصيرهم إما بالاندماج مع المملكة
المغربية أو الاستقلال عنها.
2ـ تعيين ممثل خاص للأمين العام يتولى تحت مسؤولية هذا الأخير تنفيذ خطة الأمم المتحدة لإجراء الاستفتاء في الصحراء.
3ـ إنشاء بعثة من مراقبي الأمم المتحدة "المينورسو".
4ـ تخفيض عدد قوات المغرب وقوات البوليساريو.
5ـ إعداد لائحة بأسماء الأشخاص الذين تحق لهم المشاركة في الاستفتاء.
6ـإطلاق سراح السجناء وتبادل أسرى الحرب وعودة اللاجئين.
7ـ إجراء
إستفتاء بعد 24 أسبوعا من تاريخ وقف إطلاق النار و تعلن نتائجه في غضون 72
ساعة .بحيث يتم تسريح قوات البوليساريو إذا جاء الاستفتاء لصالح المغرب،
وسحب القوات المغربية من الاقليم إذا كان الاستفتاء في غير صالح المغرب.
قرار أممي لإنهاء الصراع ،، و عقبات في التنفيذ
مجلس الأمن وافق على هذه الخطة بقرار رقم 629 في 23 سبتمبر 1988.
كما أبدى
طرفي النزاع استعدادهم لتطبيق هذه الخطة بيد أن هذه الأخيرة ستجد العديد
من العقبات خلال تنفيذها يمكن إجمالها في ثلاثة أمور:
ـ مسألة
التفاوض المباشر ـ مسألة معايير تحديد هوية المشاركين في الاستفتاء طبقا
لمقتضيات خطة الأمين العام ـ و مسألة تعيين شيوخ القبائل كل جانب في لجنة
تحديد الهوية.
وقد بوشرت عملية تحديد الهوية في يوليوز 1994 ، وتم تعليقها ابتداء من يناير 1996 بسبب وقف جبهة البوليساريو لمشاركتها في هذه العملية بدعوى رفضها للقوائم التي قدمتها المملكة المغربية. وهو ما سيؤدي في مايو 1996 إلى سحب جزء من بعثة الأمم المتحدة " المينورسو".
لكن
المباحثات التي تمت تحت إشراف الممثل الخاص للأمم المتحدة السيد جيمس بيكر
و التي أدت في جولتها الرابعة "ب هيوستن" إلى وضع تصريح نص على التزامات
يتحملها الطرفين فيما يتعلق بخطة السلام لسنة 1988 بالاضافة إلى الالتزام
بالامتثال لمدونة قواعد السلوك الخاصة بحملة الاستفتاء التي تم وضعها في "هيوستن".
فاستأنفت عملية تحديد الهوية بتاريخ 3ديسمبر 1997
و قبلت جبهة البوليساريو بالتزامها بالشروط المنظمة لذلك ، وكان من
المقرر أن يجري الاستفتاء يوم 7ديسمبر 1998 حسب التاريخ المحدد من قبل
الأمين العام للأمم المتحدة . بعدما تأجل خمس مرات متتابعة.
ما عجزت عن حله الحروب،، هل تحله الدبلوماسية ؟
في ظل هذه
التعقيدات التي حامت على خطة التسوية الأممية، وحول عملية تحديد الهوية ، و
الأشخاص الذين يحق لهم المشاركة في الاستفتاء، استصدر قرار أممي تحت رقم 1309 الصادر في 25 يوليوز 2000 تم النص فيه صراحة على
أهمية اللجوء إلى الحل السياسي بوصفه أحد الخيارات التي قد تلقى موافقة
الأطراف المعنية، و تتجاوز المشاكل التي لاقتها عملية الاستفتاء و خاصة في
مسالة تحديد الهوية.
ولعل من
أبرز الحلول السياسية المقترحة لفض النزاع تلك التي تقدم بها جيمس بيكر
(كاتب الدولة في الخارجية خلال عهد الرئيس بوش الأب عين من قبل كوفي عنان
الأمين العام للأمم المتحد بتاريخ 13مارس 1997 كمبعوث خاص بملف الصحراء)
عام 2001 وهو ما سمي بالاتفاق ـ الإطار الذي تمت الموافقة عليه بمجلس الأمن بتاريخ 30 يونيو 2001. والذي كان يتوخى تحقيق هدفين:
ـ الهدف الأول: نقل سلطات الحكم الداخلي من تنفيذية وتشريعية إلى سكان الإقليم غير المتمتع بالحكم الذاتي.
ـ الهدف الثاني: البث في الوضع النهائي للإقليم بواسطة استفتاء يجري حسب مقترحات بيكر خلال خمس سنوات.
رحب المغرب
بالمقترح رغم ما أبداه من تحفظات على بعض النقط التي جاء بها، الا أن
الجزائر و البوليساريو و رفضوا المقترح بدعوى عدم ملاءمته لمصالح سكان
المنطقة، الشيء الذي سيدفع بالأمين العام للأمم المتحدة إلى طرح أربع خيارات أمام مجلس الأمن:
ـ الأول: تنفيذ مخطط الاستفتاء دون اشتراط اتفاق الطرفين.
ـ الثاني: إلزام الطرفين بالاتفاق ـ الإطار من قبل مجلس الأمن.
ـ الثالث:بحث في إمكانية تقسيم الإقليم بين الطرفين.
ـ الرابع: سحب البعثة الأممية من الصحراء.
بيد أنه مع بداية سنة 2003 سيتقدم بيكر بمشروع إلى الأمين العام سمي ب<< خطة السلام من أجل تقرير مصير شعب الصحراء>>، وهي عبارة عن نسخة معدلة << لاتفاق الإطار>> الذي وافق عليه المغرب سابقا. وقد رمت هذه الخطة إلى المزج بين نظام الاستفتاء الذي عرف جمودا طوال 11 سنة الماضية، وبين الحل السياسي .
رفض المغرب الخطة و اعتبرها تراجعا عن مقررات الاتفاق ـ الإطار و لكونه أيضا يتضمن العديد من المقترحات التي تمس بالسيادة المغربية على الإقليم (
مثل وجود قضاء مستقل ، مشاركة الإدارة التنفيذية في جميع المفاوضات
المرتبطة بملف الصحراء، و انسحاب الجيش المغربي بعد تسلم الإدارة الجديدة
المرتقبة لمهامها و إجراء استفتاء بعد أربع سنوات ولا تتعدى أربع سنوات) .
وقد تمت المصادقة من طرف مجلس الأمن على قرار 1495 الداعم لخطة بيكر بتاريخ 31 يوليوز لكن دون فرضها على أطراف النزاع.
مقترحات أممية متتالية ،، و إشارات إلى التقسيم
أما على المستوى الدولي فقد لقي إتفاق ـالاطار تأييد كبيرا ودعما ملحوظا. لكن رغم ذلك فإن مجلس الأمن في قرار 1359/ 2001 عبر عن تأييده لاقتراح جيمس بيكر القاضي لمناقشة أي تغيير يقع على الاتفاق ـ الاطار غير أن الجزائر وجبهة البوليساريو لم يرغبا في الد***** في مناقشة مفصلة لمشروع الاتفاق الاطار و أشارتا إلى استعدادهما للتفاوض بشأن إمكانية تقسيم الإقليم، وهذا
ما أدى بجيمس بيكر إلى القول بأنه من المستحيل تنفيذ خطة التسوية، أو
محاولة التفاوض بشأن حل سياسي ، و أورد أربعة خيارات مطروحة أمام مجلس
الأمن في ضوء ما ورد من تقسيم متشائم في تقريره المؤرخ ب19 فبراير 2002 ، و
تقدم الأمين العام للأمم المتحدة بتقرير حول الصحراء اعتمادا على ما أوصى
به مبعوثه الخاص و يتضمن التقرير مخططا عرف بالحل الرابع يقوم على تقسيم الصحراء بين المغرب والجزائر...
قوبل هذا المقترح بالشجب من طرف جميع مكونات الأمة المغربية
لما اعتبرته فصلا تعسفيا لجزء من الأقاليم الجنوبية وتقسيم القبائل و
الأفخاذ و الأسر، دون مراعاة للمصالح المشتركة للسكان المعنيين، وقدم
المغرب رسالة وجهها مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة السيد محمد بنونة إلى
مجلس الأمن بتاريخ 25 فبراير 2002 و التي جاء فيها أن المغرب يؤكد مجددا
رفضه القاطع لكل مقترح يهدف إلى المس بالوحدة الترابية ويرغب في أن يسجل علانية رفضه التام لأي نقاش حول تقسيم لأقاليمه على إعتبار أن خيار التقسيم يخفي في طياته بدوره عدم الاستقرار و التوتر في مجموع المنطقة...
وقد جوبه مقترح التقسيم برفض دولي تام حيث أكدت الولايات المتحدة الأمريكية على عدم واقعية فكرة التقسيم، في حين أكد أعضاء اللجنة المكلفة بقضية الصحراء من خلال النائب الأوربي "جون شارل مارشي" على أن مغربية الصحراء الغربية لا جدال فيها على جميع المستويات التاريخية و الثقافية و الجغرافية.في
إفريقيا ذهب وزير الشؤون الخارجية لمنطقة الوحدة الافريقية السنغالي
أثناء الجلسة الختامية للدورة 75 لمجل الوزراء للشؤن الخارجية لمنظمة
الوحدة الافريقية بأديسا بابا حيث قال بالحرف الواحد لم يبق من بين الخيرات الأربع التي تقدم بها الأمين العام سوى الخيار المتعلق بالاتفاق ـ الاطار.
التقسيم ليس حلا ،، إذن ما هو الحل ؟
وهكذا كانت
مخططات بيكر التي جاءت في إطار البحث عن سبيل لحل سياسي لقضية الصحراء
بعيدة تماما عن أي توافق بين أطراف القضية و بعيدا كل البعد عن احتواء
الملف رغم دهاء هذا الأخير مما عجل باستقالته وتعويضه بمبعوث أممي جديد.
فهل يستطيع أن يفعل ما عجز عنه بيكر؟ وهل اجتهادات هذا الأخير ستصب في نفس
الإطار الذي اشتغل فيه سابقه؟ أم أن المبعوث الجديد يحمل تصورات و تمثلات
و مقاربات مغايرة لمخططات بيكر؟ هل من الضروري و المؤكد أن يحل مشكل
الصحراء الغربية سياسيا؟ ألا يستطيع المجتمع المدني المغربي و الجزائري و
الصحراوي أن يقدم لملف الصحراء ما عجزت عن تقديمه المؤسسات السياسية؟ أو
حقا أن سياسة جبهة البوليساريو تمثل إرادة المواطنين الصحراويين الحقيقة؟
آلا تكون أحداث العيون و السمارة الأخيرة تريد تقديم رسالة معينة لم تفهم
معانيها بالشكل المطلوب؟ إلى أي مدى سيبقى مشكل الصحراء المغربية الغربية
يثقل كاهل الشعب المغربي و الجزائري؟
أسئلة أكيد و
أكيد جدا تحتاج إلى بعد نظر في التحليل و إلى تأني و تروي في مقاربتها
عسى أن نعثر من خلالها على أجوبة صريحة على العديد من الاستفسارات الكامنة
وراء مشكل الصحراء.
من البداية حتى أحداث العيون
إن الكلام عن قضية الصحراء المغربيةيعني
الكلام عن إشكالية عويصة و متشابكة المعالم قد تدخل كتاب غينس للأرقام
القياسية باعتبارها أطول قضية عرفها التاريخ الحديث فيما يتعلق بتسوية
خلافات على أرض متنازع عليها. هذه القضية نظرا لتداخل خيوطها و نظرا لتباين
و ترامي مصالح و مخططات أطرافها الرسميين مقدمة على تجاوز سنها الثلاثين بدون تقدم ملموس يذكر تجاه حل نهائي لها.
فكيف كانت إذن بدايات بزوغ
إشكالية الصحراء المغربية؟ ولماذا الصحراء المغربية؟ و ما هو مضمون هذا
الملف الشائك؟ و ما هي أطرافه الرسمية؟ وهل كانت مقاربة هذه الأطراف لهذا
المشكل من المستوى الذي يستطيع أن يؤدي إلى حلول جذرية للملف؟ هل كانت
المقاربة الأممية لملف الصحراء المغربية منطقية في مخططاتها و اقتراحاتها
حول الملف؟ من له الأحقية على إقليم الصحراء؟ ما هي أطروحات جبهة
البوليساريو حول قضية الصحراء؟ كيف تم الزج بالجزائر كطرف أساسي في
النزاع؟ ما هي أبرز التطورات التي وصل إليها الملف و هو يتجاوز سنه
الثلاثين؟
كيف كانت البداية ،،
لمقاربة هذه الأسئلة . المقالة تجد نفسها في الأبعاد المركبة لمشكل الصحراء المغربية ـ الغربية من خلال تقديم جرد كرونولوجي للأحداث
و الخيوط التي نسجت معالم هذا الملف الحرج منذ افتعاله بظهور جبهة
البوليساريو أو ما يسمى بجبهة تحرير الساقية الحمراء وواد الذهب خلال أواسط
السبعينات إلى آخر التطورات التي عرفها الملف داخل المنظمة الأممية.
يعود ظهور إشكالية الصحراء المغربية على السطح الدولي إلى سنة 1974،
حينما رفضت السلطات الاستعمارية الاسبانية تسليم إقليم الصحراء إلى
المغرب بعدما تخلت عن مستعمراتها الشمالية بعد حصول المغرب على استقلاله و
سلمت المغرب إقليم طرفاية في سنة 1958، و إقليم سيدي إفني في سنة 1969،
مع تحفظها على مدينتي سبتة و مليلية بالمنطقة الشمالية.
رفض إسبانيا تخليها عن إقليم الصحراء كان يبرره منطق واحد، هو مخطط هذه الأخيرة حول إنشاء دولة مستقلة ذات حكومة محلية تحت وصاية و سيطرة إسبانية. و لأجل ذلك أعلنت وبشكل أحادي في غشت من سنة 1974 عن قرارها بتنظيم إستفتاء في الصحراء خلال النصف الأول من سنة 1975، بطبيعة الحال كان رفض المغرب لهذه الخطوة قاطعا
بحيث أرسل المرحوم الحسن الثاني برسالة مستعجلة إلى رئيس الدولة الاسباني
يشعره فيها بقلق الحكومة المغربية و بعزمها على معارضة هذه الخطوة
الانفرادية و في كونها أيضا لا تتطابق مع مضمون قرارات الجمعية العامة
للأمم المتحدة، وفي نفس الآن تم إرسال مبعوثين ملكيين إلى مختلف الدول لعرض
وجهة النظر المغربية من قضية الصحراء.
وبسبب رفض
الحكومة الاسبانية لطلب المغرب بعرض النزاع على أنظار محكمة العدل الدولية
للبث فيه، أعلن الملك الراحل الحسن الثاني في 18شتنبر 1974 عن عزم
المغرب على عرض قضية الصحراء على أنظار محكمة العدل الدوليةمن أجل تحديد المركز القانوني للإقليم،
و بالفعل تقدم المغرب بطلب استشاري إلى المحكمة بعد مطالبته للجمعية
العامة بإيقاف كل عملية تتعلق بإجراء استفتاء في الصحراء الغربية إلى غاية
معرفة رأي محكمة العدل الدولية في القضية. وتبعا لهذا الطلب أصدرت الجمعية
العامة قرارها رقم 3292 بتاريخ 13ديسمبر 1974 طلبت فيه من محكمة العدل
الدولية إصدار رأي استشاري حول السؤالين التاليين:
ـ السؤال الأول: هل كانت الصحراء المغربيةـ الساقية الحمراء وواد الذهب ـ عند استعمارها من قبل إسبانيا أرضا لا مالك لها؟
ـ السؤال الثاني:
في حالة الإجابة السلبية على السؤال ما هي الروابط القانونية التي كانت
قائمة بين هذا الإقليم و كل من المملكة المغربية و الكيان الموريتاني؟
اقرار بمغربية الصحراء ،، و لكن
وكان تاريخ 16أكتوبر 1975 موعدا هاما في تاريخ المغاربة حيث أصدرت المحكمة رأيها الاستشاري حول السؤالين. ففيما يتعلق بالسؤال الأول كان الجواب بالأغلبية 13 صوتا كله تؤكد بأن الصحراء الغربية كان لها مالك قبل الاستعمار الاسباني مقابل 3 أصوات التي أقرت بأن الصحراء الغربيةـ الساقية الحمراء وادي الذهب ـ لم يكن وقت الاستعمار الاسباني مالك لها.أما
فيما يتعلق بالسؤال الثاني أجابت المحكمة أجابت المحكمة بأغلبية 14 صوتا
مقابل صوتين بأن المواد و المعلومات المقدمة إليها تؤكد وجود روابط
قانونية وولاء وبيعة وقت الاستعمار الاسباني بين سلطان المغرب و بعض
القبائل التي تقيم بإقليم الصحراء الغربية
لكنها تحفظت عن المواد المقدمة لها تذرعا بكونها موادا لا تقيم الدليل
القاطع على وجود روابط السيادة الإقليمية بين هذا الإقليم وكل من المملكة
المغربية و الكيان الموريتاني في ظل هذا الوقت استمرت الدبلوماسية المغربية
في العمل بقيادة المرحوم الحسن الثاني كان من نتائجها الطلب
الذي وجهته السعودية إلى إسبانيا بتاريخ 1 أكتوبر1974 باسم كافة الدول
العربية على التعجيل بحل قضية الصحراء المغربية. وكذا تصريح السكرتير العام
لمنظمة الوحدة الإفريقية بتاريخ 14 مارس 1975 أكد على مساندة المنظمة
للمغرب بجميع الوسائل من أجل تحرير أرضيه المغتصبة. وكذا الإجراء الذي
أقدمت عليه حكومة ساحل العاج بتاريخ 25 مارس 1975 عندما وضعت السيد
"ألفونسو بونسي" ليمثل المغرب في محكمة العدل الدولية...
لكن بعد لاعتراف الصريح
لمحكمة العدل الدولية بالحقوق المغربية على صحرائه عن طريق تأكيد روابط
البيعة التي تربط شيوخ قبائل إقليم الصحراء بالعاهل المغربي الراحل الحسن
الثاني. لم يجد المغرب بدا من الإقدام على تنظيم مسيرة سلمية خضراء نحو الصحراء بمشاركة 350ألف مواطن بتاريخ 6 نوفمبر 1975.
هذه الخطوة كان من شأنها أن تخلط جميع أوراق الحكومة الاسبانية مما دفعها
إلى التفاوض مع المغرب بشأن قضية الصحراء. وفعلا تمت القمة الثلاثية
مابين المغرب وموريتانيا و إسبانيا توجت بالتوقيع على تصريح مدريد الثلاثي
بتاريخ 14 نوفمبر 1975 الذي حدد فترة انتقالية لمدة ثلاثة أشهر يخضع
خلالها إقليم الصحراء الغربية لإدارة ثلاثية يليها تسليم إسبانيا للسلطات
إلى كل من المغرب وموريتانيا مع احترام إرادة السكان الصحراويين المعبر
عنها من طرف الجماعة الصحراوية برئاسة السيد الحاج الخطري الجماني.
د***** الجزائر على الخط
بيد أنه تزامنا مع إعلان المغرب عن نيته في تنظيم المسيرة الخضراء، تفاجئ الجميع بإعلان الجزائر بتاريخ21أكتوبر 1975 عن اتخاذها رسميا موقفا معارضا لقرار المغرب بتنظيم المسيرة الخضراء. من قبل
أن تقدم على دعم وتوجيه ما سمي بالجمهورية الصحراوية تحت قيادة الجبهة
الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب أو ما يعرف ( بالبوليساريو)
بتاريخ 27فبراير 1976 بعد ما تمت بنجاح خطة المسيرة الخضراء التي ترتب عنها جلاء القوات الاسبانية من الصحراء الغربية.
وقد كان للدبلوماسية البومدينية آن ذاك دورا مهما في تقوية جبهة البوليساريو عن طريق احتضانها بمنطقة تيندوف.
وكذا ببذل الجهود من أجل كسب إعتراف دولي (بالجمهورية المزعومة) ومن أجل
إيجاد موضع لملف مشكل الصحراء الغربية على سطح المنظومة الدولية، وقد
استعملت من أجل ذلك معظم الآليات و التدابير اللازمة منها كما يذكر أستاذ
العلاقات الدولية الدكتور عبد الواحد الناصر تقديم المكافآت المالية إلى
بعض الدول الفقيرة مقابل اعترافها، أو إنشاء محطات إذاعية تعبر عن لسان حال
الجبهة... وهذا يؤكد وبالملموس أن النجاحات الدبلوماسية التي حققتها
الجبهة من اعتراف أكثر من 70 دولة وكسب تعاطف العديد بالدرجة الأولى.إلى
درجة أنه نجاحا حقق مكاسب فاقت المكاسب التي حققتها بعض الحركات التحررية
المشروعة كجبهة التحرير الفلسطينية أو الأكراد في العراق و التاميل في
سيريلانكا... نظرا لعدم وجود دولة كالجزائر تقف بجميع إمكانياتها و آلياتها
و مآزرتا لها كما يضيف الأستاذ عبد الواحد الناصر.
وقد كان لذلك وقع كبير على العلاقات المغربية الموريتانية ـ الجزائرية حيث تم الاعلان رسميا بتاريخ 7مارس 1976 عن قطع العلاقات الدبلوماسية المغربية الجزائرية،
وقد برر ذلك السيد عبد الرحيم بو عبيد بتاريخ 8مارس1976 بكون تجميد
العلاقات الدبلوماسية المغربية الجزائرية هو رد فعل مشروع على السياسة
الجزائرية الماسة بأحقية المغرب على أراضيه. بيد أنه يجب التأكيد على أن السياسة الجزائرية المغرضة لم تكن تعبر عن إرادة كافة القوى السياسية بالبلاد،
فها هي مجموعة من قادة الثورة الأحرار تعلن استنكارها لتصرفات المسئولين
في الجزائر ضد المغرب بتاريخ 11مارس 1976. بالإضافة إلى تنديد زعيم حزب
الثورة الاشتراكية الجزائرية آنذاك السيد محمد بو ضياف الذي ندد بمناورات
حكام الجزائر لإثارة حرب مغربية جزائرية حول الصحراء،هذا بالإضافة إلى
إعلان السيد القايد أحمد عضو المجلس الوطني للثورة الجزائرية في ندوة صحفية
بباريس بتاريخ 25 مارس 1976 حيث قال " إن سكان الصحراء قد قررو مصيرهم. وليس للجزائر أي مبرر للتدخل".
وهذا ما
يؤكد نية الرئاسة الجزائرية البائتة و الأحادية آنذاك على المس بحق المغرب
على استكمال تحرير أراضيه، تذرعا بمبدأ حق الشعب في تقرير مصيره و التي
يمكن إعطاؤها أكثر من قراءة على ضوء قضية الصحراء.
بل ولم
يتوقف التحرك الجزائري فقط عند حد كسب اعترافات دولية بما أسمته
بالجمهورية الصحراوية، بل تعدى الأمر إلى حد العمل على الترويج لفكرة
المفاوضات على صعيد منظمة الأمم المتحدة و التجمعات الدولية
حيث استعلت منابر هذه المؤسسات و المؤتمرات لتحقيق مكاسب دعائية وسياسية
عن طريق الدعوة إلى الد***** في مفاوضات مباشرة بين المغرب و البوليساريو،
والتي تعني بموافقة المغرب على ذلك الاعتراف السياسي الضمني بهذه الحركة.
وقد كانت لهذه السياسة دور كبير في إقرار المخطط الأممي لإجراء الاستفتاء في الصحراء في الصحراء سنة1988،ووافق
المغرب على الجلوس مع حركة البوليساريو على طاولة المفاوضات بشرط حضور
طرف ثالث في جميع اللقاءات متمثلا في الأمين العام للأمم المتحدة.
تدهورات خطيرة ،، و تدخل الأمم المتحدة
ويجب التذكير بأن هذه الخطوة قد سبقتها العديد من الأحداث المحرضة الجزائرية ـ البوليساروية ترتب عنها حرب دامية سميت بحرب الرمال< 1979ـ1980> كانت من أبرز معاركها نوردها كما جاءت في كتاب " شعب ضد الرصاص " للدكتور إبراهيم دسوقي أباضة < معركة طانطان 28ـ29يناير 1979، معركة السمارة 14 مارس 1979 ، معركة بئر إنزران11 غشت 1979، معركة السيد 13 سبتمبر 1979، معركة بوكراع و العيون يوم 28 يناير 1980، معركة بوجدور 13فبراير 1980، معركة بين طرفاية و رأس الخنيفرة26 سبتمبر 1980... و كلها معارك أبانت عن قوة الترسانة العسكرية المغربية كما جاء في الكتاب حيث لم ينرك لأفراد الجبهة و عتادها الفرصة لتحقيق أهدافها بالسيطرة على الإقليم.
وقد خيم وضع اللا استقرار
هذا على المنطقة رغم وقف إطلاق النار بين الجانبين المغربي ـ البوليساريو
إلى أن تمكن الأمين العام للأمم المتحدة من صياغة خطة للسلام عرضها على الأطراف بتاريخ 11غشت 1988 وطلب منهم إبداء رأيهم فيها في مدة أقصاها فاتح سبتمبر 1988وكان من أبرز محاور هذه الخطة
:
1ـ
تخويل الأمم المتحدة المسؤولية الوحيدة و الخالصة عن تنظيم و إجراء
إستفتاء من أجل سكان الصحراء بتقرير مصيرهم إما بالاندماج مع المملكة
المغربية أو الاستقلال عنها.
2ـ تعيين ممثل خاص للأمين العام يتولى تحت مسؤولية هذا الأخير تنفيذ خطة الأمم المتحدة لإجراء الاستفتاء في الصحراء.
3ـ إنشاء بعثة من مراقبي الأمم المتحدة "المينورسو".
4ـ تخفيض عدد قوات المغرب وقوات البوليساريو.
5ـ إعداد لائحة بأسماء الأشخاص الذين تحق لهم المشاركة في الاستفتاء.
6ـإطلاق سراح السجناء وتبادل أسرى الحرب وعودة اللاجئين.
7ـ إجراء
إستفتاء بعد 24 أسبوعا من تاريخ وقف إطلاق النار و تعلن نتائجه في غضون 72
ساعة .بحيث يتم تسريح قوات البوليساريو إذا جاء الاستفتاء لصالح المغرب،
وسحب القوات المغربية من الاقليم إذا كان الاستفتاء في غير صالح المغرب.
قرار أممي لإنهاء الصراع ،، و عقبات في التنفيذ
مجلس الأمن وافق على هذه الخطة بقرار رقم 629 في 23 سبتمبر 1988.
كما أبدى
طرفي النزاع استعدادهم لتطبيق هذه الخطة بيد أن هذه الأخيرة ستجد العديد
من العقبات خلال تنفيذها يمكن إجمالها في ثلاثة أمور:
ـ مسألة
التفاوض المباشر ـ مسألة معايير تحديد هوية المشاركين في الاستفتاء طبقا
لمقتضيات خطة الأمين العام ـ و مسألة تعيين شيوخ القبائل كل جانب في لجنة
تحديد الهوية.
وقد بوشرت عملية تحديد الهوية في يوليوز 1994 ، وتم تعليقها ابتداء من يناير 1996 بسبب وقف جبهة البوليساريو لمشاركتها في هذه العملية بدعوى رفضها للقوائم التي قدمتها المملكة المغربية. وهو ما سيؤدي في مايو 1996 إلى سحب جزء من بعثة الأمم المتحدة " المينورسو".
لكن
المباحثات التي تمت تحت إشراف الممثل الخاص للأمم المتحدة السيد جيمس بيكر
و التي أدت في جولتها الرابعة "ب هيوستن" إلى وضع تصريح نص على التزامات
يتحملها الطرفين فيما يتعلق بخطة السلام لسنة 1988 بالاضافة إلى الالتزام
بالامتثال لمدونة قواعد السلوك الخاصة بحملة الاستفتاء التي تم وضعها في "هيوستن".
فاستأنفت عملية تحديد الهوية بتاريخ 3ديسمبر 1997
و قبلت جبهة البوليساريو بالتزامها بالشروط المنظمة لذلك ، وكان من
المقرر أن يجري الاستفتاء يوم 7ديسمبر 1998 حسب التاريخ المحدد من قبل
الأمين العام للأمم المتحدة . بعدما تأجل خمس مرات متتابعة.
ما عجزت عن حله الحروب،، هل تحله الدبلوماسية ؟
في ظل هذه
التعقيدات التي حامت على خطة التسوية الأممية، وحول عملية تحديد الهوية ، و
الأشخاص الذين يحق لهم المشاركة في الاستفتاء، استصدر قرار أممي تحت رقم 1309 الصادر في 25 يوليوز 2000 تم النص فيه صراحة على
أهمية اللجوء إلى الحل السياسي بوصفه أحد الخيارات التي قد تلقى موافقة
الأطراف المعنية، و تتجاوز المشاكل التي لاقتها عملية الاستفتاء و خاصة في
مسالة تحديد الهوية.
ولعل من
أبرز الحلول السياسية المقترحة لفض النزاع تلك التي تقدم بها جيمس بيكر
(كاتب الدولة في الخارجية خلال عهد الرئيس بوش الأب عين من قبل كوفي عنان
الأمين العام للأمم المتحد بتاريخ 13مارس 1997 كمبعوث خاص بملف الصحراء)
عام 2001 وهو ما سمي بالاتفاق ـ الإطار الذي تمت الموافقة عليه بمجلس الأمن بتاريخ 30 يونيو 2001. والذي كان يتوخى تحقيق هدفين:
ـ الهدف الأول: نقل سلطات الحكم الداخلي من تنفيذية وتشريعية إلى سكان الإقليم غير المتمتع بالحكم الذاتي.
ـ الهدف الثاني: البث في الوضع النهائي للإقليم بواسطة استفتاء يجري حسب مقترحات بيكر خلال خمس سنوات.
رحب المغرب
بالمقترح رغم ما أبداه من تحفظات على بعض النقط التي جاء بها، الا أن
الجزائر و البوليساريو و رفضوا المقترح بدعوى عدم ملاءمته لمصالح سكان
المنطقة، الشيء الذي سيدفع بالأمين العام للأمم المتحدة إلى طرح أربع خيارات أمام مجلس الأمن:
ـ الأول: تنفيذ مخطط الاستفتاء دون اشتراط اتفاق الطرفين.
ـ الثاني: إلزام الطرفين بالاتفاق ـ الإطار من قبل مجلس الأمن.
ـ الثالث:بحث في إمكانية تقسيم الإقليم بين الطرفين.
ـ الرابع: سحب البعثة الأممية من الصحراء.
بيد أنه مع بداية سنة 2003 سيتقدم بيكر بمشروع إلى الأمين العام سمي ب<< خطة السلام من أجل تقرير مصير شعب الصحراء>>، وهي عبارة عن نسخة معدلة << لاتفاق الإطار>> الذي وافق عليه المغرب سابقا. وقد رمت هذه الخطة إلى المزج بين نظام الاستفتاء الذي عرف جمودا طوال 11 سنة الماضية، وبين الحل السياسي .
رفض المغرب الخطة و اعتبرها تراجعا عن مقررات الاتفاق ـ الإطار و لكونه أيضا يتضمن العديد من المقترحات التي تمس بالسيادة المغربية على الإقليم (
مثل وجود قضاء مستقل ، مشاركة الإدارة التنفيذية في جميع المفاوضات
المرتبطة بملف الصحراء، و انسحاب الجيش المغربي بعد تسلم الإدارة الجديدة
المرتقبة لمهامها و إجراء استفتاء بعد أربع سنوات ولا تتعدى أربع سنوات) .
وقد تمت المصادقة من طرف مجلس الأمن على قرار 1495 الداعم لخطة بيكر بتاريخ 31 يوليوز لكن دون فرضها على أطراف النزاع.
مقترحات أممية متتالية ،، و إشارات إلى التقسيم
أما على المستوى الدولي فقد لقي إتفاق ـالاطار تأييد كبيرا ودعما ملحوظا. لكن رغم ذلك فإن مجلس الأمن في قرار 1359/ 2001 عبر عن تأييده لاقتراح جيمس بيكر القاضي لمناقشة أي تغيير يقع على الاتفاق ـ الاطار غير أن الجزائر وجبهة البوليساريو لم يرغبا في الد***** في مناقشة مفصلة لمشروع الاتفاق الاطار و أشارتا إلى استعدادهما للتفاوض بشأن إمكانية تقسيم الإقليم، وهذا
ما أدى بجيمس بيكر إلى القول بأنه من المستحيل تنفيذ خطة التسوية، أو
محاولة التفاوض بشأن حل سياسي ، و أورد أربعة خيارات مطروحة أمام مجلس
الأمن في ضوء ما ورد من تقسيم متشائم في تقريره المؤرخ ب19 فبراير 2002 ، و
تقدم الأمين العام للأمم المتحدة بتقرير حول الصحراء اعتمادا على ما أوصى
به مبعوثه الخاص و يتضمن التقرير مخططا عرف بالحل الرابع يقوم على تقسيم الصحراء بين المغرب والجزائر...
قوبل هذا المقترح بالشجب من طرف جميع مكونات الأمة المغربية
لما اعتبرته فصلا تعسفيا لجزء من الأقاليم الجنوبية وتقسيم القبائل و
الأفخاذ و الأسر، دون مراعاة للمصالح المشتركة للسكان المعنيين، وقدم
المغرب رسالة وجهها مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة السيد محمد بنونة إلى
مجلس الأمن بتاريخ 25 فبراير 2002 و التي جاء فيها أن المغرب يؤكد مجددا
رفضه القاطع لكل مقترح يهدف إلى المس بالوحدة الترابية ويرغب في أن يسجل علانية رفضه التام لأي نقاش حول تقسيم لأقاليمه على إعتبار أن خيار التقسيم يخفي في طياته بدوره عدم الاستقرار و التوتر في مجموع المنطقة...
وقد جوبه مقترح التقسيم برفض دولي تام حيث أكدت الولايات المتحدة الأمريكية على عدم واقعية فكرة التقسيم، في حين أكد أعضاء اللجنة المكلفة بقضية الصحراء من خلال النائب الأوربي "جون شارل مارشي" على أن مغربية الصحراء الغربية لا جدال فيها على جميع المستويات التاريخية و الثقافية و الجغرافية.في
إفريقيا ذهب وزير الشؤون الخارجية لمنطقة الوحدة الافريقية السنغالي
أثناء الجلسة الختامية للدورة 75 لمجل الوزراء للشؤن الخارجية لمنظمة
الوحدة الافريقية بأديسا بابا حيث قال بالحرف الواحد لم يبق من بين الخيرات الأربع التي تقدم بها الأمين العام سوى الخيار المتعلق بالاتفاق ـ الاطار.
التقسيم ليس حلا ،، إذن ما هو الحل ؟
وهكذا كانت
مخططات بيكر التي جاءت في إطار البحث عن سبيل لحل سياسي لقضية الصحراء
بعيدة تماما عن أي توافق بين أطراف القضية و بعيدا كل البعد عن احتواء
الملف رغم دهاء هذا الأخير مما عجل باستقالته وتعويضه بمبعوث أممي جديد.
فهل يستطيع أن يفعل ما عجز عنه بيكر؟ وهل اجتهادات هذا الأخير ستصب في نفس
الإطار الذي اشتغل فيه سابقه؟ أم أن المبعوث الجديد يحمل تصورات و تمثلات
و مقاربات مغايرة لمخططات بيكر؟ هل من الضروري و المؤكد أن يحل مشكل
الصحراء الغربية سياسيا؟ ألا يستطيع المجتمع المدني المغربي و الجزائري و
الصحراوي أن يقدم لملف الصحراء ما عجزت عن تقديمه المؤسسات السياسية؟ أو
حقا أن سياسة جبهة البوليساريو تمثل إرادة المواطنين الصحراويين الحقيقة؟
آلا تكون أحداث العيون و السمارة الأخيرة تريد تقديم رسالة معينة لم تفهم
معانيها بالشكل المطلوب؟ إلى أي مدى سيبقى مشكل الصحراء المغربية الغربية
يثقل كاهل الشعب المغربي و الجزائري؟
أسئلة أكيد و
أكيد جدا تحتاج إلى بعد نظر في التحليل و إلى تأني و تروي في مقاربتها
عسى أن نعثر من خلالها على أجوبة صريحة على العديد من الاستفسارات الكامنة
وراء مشكل الصحراء.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى